سحق المنتخب الإسباني نظيره الايطالي برباعية نظيفة في نهائي بطولة أمم أوروبا للمنتخبات في واحدة من أكبر نتائج المباريات النهائية الأوروبية والعالمية لتؤكد الكرة الاسبانية تفوقها الكامل على جميع المنافسين حول العالم بعد أن توجت ببطولة أمم أوروبا العام 2008 وبطولة العالم 2010 وأمم أوروبا 2012 في أول إنجاز من نوعه لمنتخب أوروبي على الاطلاق.
وكانت البطولتان الأخيرتان للمنتخب الاسباني بقيادة المدرب الداهية دل بوسكي الذي كشف عن قدرات تقنية كبيرة لم يسبقها إليها غيره من المدربين منذ تأسيس كرة القدم.
فلم يسبق أن شاهدنا منتخبا أو فريقا يلعب من دون مهاجم واحد صريح وبطريقة 4/6 أي 4 في الدفاع و6 في منتصف الملعب وهي لا شك طريقة مبتكرة حقق من خلالها المنتخب الاسباني بطولة أوروبا بكل جدارة.
لا شك في أن الفضل في هذا الإنجاز القاري وقبله الإنجاز العالمي لا يعود إلى المدرب دل بوسكي وحده وإنما إلى تواجد كوكبة ذهبية من النجوم لم يسبق أن تواجدوا في منتخب واحد في منتصف الملعب ما يجبر جميع المنافسين على الركض واللهث طوال ال 90 دقيقة خلف الكرة التي تبقى حكرا بين أقدام هؤلاء اللاعبين الاستثنائيين.
الشيء المثير في البطولة الحالية والذي يختلف عن تتويج اسبانيا بكأس العالم أن المدرب وأمام غياب مهاجمه الفذ دافيد فيا بسبب الإصابة كان لا بد أن يختار بديلا مناسبا له، وأمام غياب البديل المقنع لدل بوسكي على رغم تواجد المهاجمين الكبار إلا أنه فضل تغيير طريقة اللعب والاستفادة من إمكانات لاعبي الوسط الاستثنائيين بدل المهاجم الصريح.
القرار الذي اتخذه دل بوسكي لا شك في أنه غريب ولكنه مع الوقت أثبت صحة خياره لأنه لا يمكن أن يضحي بلاعب وسط استثنائي من أجل مهاجم أقل مستوى من دافيد فيا!.
لذلك حسم دل بوسكي خياره وأعطى للاعبي الوسط والدفاع حرية الحركة الهجومية وهو ما وجدناه في الانطلاقات السريعة للمدافعين ومنهم الظهير الأيسر ألبا الذي تمكن من احراز الهدف الثاني في النهائي.
القادمون من الخلف كان شعار الاسبان والذين بلا شك سيغيرون الشكل الحديث لكرة القدم لكن لا أحد يستطيع اللعب بطريقتهم وأسلوبهم فليس هناك منتخب أو فريق باستثناء برشلونة الاسباني يمتلك مثل هؤلاء اللاعبين الاستثنائيين.
الشيء المثير الآخر أن المدرب دل بوسكي كيّف طريقة لعبه بحسب إمكانات لاعبيه، بمعنى أنه اختار طريقة اللعب الأنسب لإمكانات لاعبيه وقليل من المدربين يفعلون ذلك. فالمدربون عادة ما يأتون بأفكار مسبقة وبطرق لعب معلبة لا يوجد فيها أن نوع من الابتكار ويفرضونها على الفرق والمنتخبات التي يدربونها من دون أي دراسة لإمكانات لاعبيهم.
المشكلة ليست في طريقة اللعب التي يتم اختيارها وإنما في تناسبها مع اللاعبين والمدرب المحنك هو القادر على اكتشاف ما يناسب لاعبيه ليحققوا أفضل النتائج أما المدرب التقليدي والذي يقوم بعمله الجميع وحتى المدلك يستطيع الحلول مكانه.
ما قبل يورو 2012 ليس كما بعده لأن اسلوب لعب المنتخب الاسباني وطريقة تتويجه الساحقة مثلت علامة فارقة في تاريخ كرة القدم العالمية.
محمد عباس
** نقلاً عن صحيفة الوسط البحرينية